يمكن الوقاية من عدّة أمراض فموية وسنيّة عبر عادات العناية المنتظمة والفحوصات الدورية. ولسوء الحظ، فلا يحصل الجميع على العناية المناسبة بالفم. ولهذا تعمل برامج صحة الأسنان العامة لتدارك ذلك. فتوفر المساعدة والبرامج التي تسعى إلى تجنيب الأشخاص الألم والانزعاج الناجمين عن قلة الاهتمام بصحة الفم.
وقد تأسس البرنامج القومي لصحة الفم (NOHP) في الهند ليأخذ على عاتقه تعزيز صحة الفم لأنها التوقع الأساسي لمواطني الهند. فصحة الفم من أهم احتياجات الفرد. لذا يقيّم البرنامج القومي لصحة الفم في الهند الاحتياجات، ويراقب النتائج، ويقارب التباينات، ويعزز الحصول على العناية بصحة الفم ورفع جودتها في نهاية المطاف. فالهدف من ذلك الحرص على تمتع مواطني الهند بصحة الفم المثلى، عبر الوقاية من الأمراض وتعزيز صحة الأسنان. وسنقدّم بعض الأمثلة عن هذه البرامج الساعية إلى تعزيز صحة الفم لدى جميع مواطني الهند.
العناية بالأسنان لدى الطلاب
يمكن أن تؤدي المشاكل السنيّة لدى الأطفال إلى مشاكل في صحتهم العامة أو حتى تضر بأدائهم الدراسي. وفي دراسة أُجريت على 1500 تلميذ من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية من البيئات المحرومة في لوس أنجلوس وكاليفورنيا، خلصت النتائج إلى أن 73 في المائة منهم يحتاجون إلى العناية بأسنانهم، حسب هذه الدراسة التي قامت بها كلية هيرمان أوسترو لطب الأسنان في جامعة جنوب كاليفورنيا. وقد وجدت الدراسة علاقة وثيقة بين هذه المشاكل في الأسنان وبين تدني علامات الطلاب وتغيبهم المتكرر عن المدرسة.
وبحسب جمعية أطباء الأسنان في الهند، توفر مانعات تسرب الأسنان درجة عالية من الحماية للوقاية من تسوّس الأسنان. فتطبيق مانعات التسرّب على الأسنان لا يضرّ وقد تدوم بين 5 إلى 10 سنوات. وتقدِّر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) أن مانعات تسرب الأسنان تخفض نسبة التسوّس بين الأطفال بنسبة تفوق 70%، ويمكننا اكتشاف أهميتها من خلال سعي البرامج المدرسية في عدّة ولايات أمريكية إلى تأمين مانعات تسرّب الأسنان للتلاميذ المعرضين لخطر التسوّس. وتحدد مثل هذه البرامج احتياجات كل منطقة من المناطق التعليمية لتأمين احتياجات الأطفال ممن هم أقل حظًا في الحصول على العناية الخاصة بالأسنان.
العناية بالأسنان لدى الكبار
تدفع تكاليف العلاج الكثيرين إلى الابتعاد عن العيادات السنيّة، وخاصة الكبار منهم. والمشكلة هي: تجنب العناية الوقائية بالأسنان ستضطرهم إلى الخضوع لإجراءات أكثر وأعلى تكلفة من سابقتها في المراحل المبكرة. علاوةً على أن نزيف اللثة يزداد تفاقمًا مع تقدم العمر. ووفقًا لتقرير مجلة طب الأسنان في الهند، فإن عبء
أمراض الفم وسط الكبار من السكان يثقل كاهلهم إلى حد واضح
بمختلف الأمراض الفموية، مما يضعنا أمام تحديات صحية عامة.
وأشارت مجلة أبحاث طب الفم ومراجعاته في مقالة لها إلى أن العناية بصحة الفم في الهند لم تتلقَ حتى الآن الاهتمام المناسب، لذلك نرى العديد من كبار السن بلا تأمين صحي على الأسنان. ورغم هذا، نلاحظ وجود العديد من برامج التأمين الصحي الموجودة في البلاد، الساعية للحد من عدم المساواة الاجتماعية في رعاية صحة الفم. واقترح تقرير جمعية أطباء الأسنان في الهند على الحكومة أن تسعى إلى تأمين الرعاية الصحية الفعّالة من خلال دمج البعثات الصحية الوطنية المدنية والريفية في بعثة صحية وطنية واحدة ومنحها مخصصات أعلى. إذ تعتبر البرنامج الأهم والأوحد عالميًّا في تأمين الرعاية الصحية الأساسية في الهند.
العناية بأسنان السيدات الحوامل
تتمتع العناية الصحية بالأسنان عند الحوامل بأهمية خاصة، ولكن عدّة سيدات لا تدركن بأن مشاكل الفم الصحية أثناء هذه الفترة قد تعرض الأم والجنين للخطر. وأشارت مجلة الجمعية الهندية لصحة الأسنان العامة إلى أن عدة دراسات مختلفة خلصت إلى أن حوالي 35% إلى 44% من السيدات لا يتلقين العناية الصحية بالفم أثناء الحمل. وأقل من ثلثهن (30%) يزرن طبيب الأسنان أثناء الحمل أو بعد ولادة الطفل. وفقط حوالي نصف السيدات اللواتي يعانين من مشاكل فموية صحية أثناء الحمل، يسعين للحصول على العناية الصحية بالفم. وقد يظهر انخفاض درجة الوعي الصحي بالأسنان في مختلف المجموعات الاقتصادية والاجتماعية، بسبب نقص برامج صحة الأسنان التي تستهدف المواطنين بمختلف أعمارهم. وأطلقت وزارة الصحة وشؤون الأسرة في الحكومة الهندية (MoHFW) برنامج برادهان مانتري سوراكشيت ماتريتفا أبهيان PMSMA، الهادف إلى توفير العناية الأكيدة والشاملة والجيدة قبل الولادة بالمجان، التي تشمل جميع السيدات الحوامل في اليوم التاسع من كل شهر. ويضمن برنامج PMSMA الحد الأدنى من خدمات الرعاية الصحية للسيدات في المرحلتين الثانية والثالثة من الحمل في المرافق الصحية المدرجة حكوميًّا والتي توفر فرصة عظيمة للسيدة الحامل في الحصول على إجابات عن استفساراتها المتعلقة بصحة أسنانها أيضًا.
وتتعدد السبل الأساسية للرعاية الوقائية للأسنان، بدايةً من الحفاظ على صحة الفم والصحة العامة إلى استخدام فرشاة أسنان جيدة بشعيرات ناعمة للغاية وخاصة للثة الحساسة ووصولًا إلى الخضوع للفحوصات الدورية بانتظام، ويمكن لبرامج الرعاية الصحية العامة بالأسنان أن تعزز من جودة حياة هؤلاء الأشخاص غير القادرين على الحصول على الرعاية الصحية بأسنانهم، ونشر التوعية بأهمية العناية بصحة الفم عن الجميع في ذات الوقت.